تُعَد العلاقة بين البيئة والتنمية المستدامة من أهم القضايا المطروحة في الفكر السوسيولوجي والاقتصادي والسياسي المعاصر، نظرًا لما تشهده المجتمعات من تحديات بيئية متزايدة نتيجة للنشاط الصناعي والاقتصادي الكثيف. فالبيئة، باعتبارها الإطار الطبيعي الذي يمدّ الإنسان بالموارد الحيوية ويحتضن أنشطته المختلفة، أصبحت تواجه ضغوطًا تهدد توازنها واستمراريتها، مثل التلوث، وتدهور الموارد الطبيعية، والتغيرات المناخية.
وفي هذا السياق برز مفهوم التنمية المستدامة كخيار استراتيجي يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين متطلبات النمو الاقتصادي وحاجات العدالة الاجتماعية من جهة، وضمان حماية البيئة وصون حقوق الأجيال القادمة من جهة أخرى. وقد أكّدت المؤتمرات والمواثيق الدولية، خاصة منذ قمة الأرض بريو دي جانيرو عام 1992، على ضرورة إدماج البُعد البيئي ضمن خطط التنمية الوطنية والعالمية، بما يجعل الاستدامة محورًا رئيسيًا في السياسات التنموية.
إن تناول موضوع البيئة والتنمية المستدامة يتيح فهْم التفاعلات المعقدة بين الإنسان ومحيطه الطبيعي، كما يسلط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات في سعيها إلى تحقيق تنمية متوازنة وشاملة تراعي الاعتبارات البيئية والاجتماعية والاقتصادية في آن واحد.